اللذة والسيطرة على الحواس
لقداسه البابا
مشغوليات الإنسان تسيطر على وقته، فلا يعطيه لله، والعواطف تسيطر على قلبه، فلا يعطيه لله والبيئة قد تسيطر على إرادته، والعقل يسيطر على تفكيره. أما اللذة فإنها تسيطر على حواسه ثم تخدره كله، فلا عقله يفكر، ولا البيئة تستطيع أن تمنعه، كما أن هذه اللذة تصبح هى كل مشغوليته، وكل مجال عاطفته. إنها تملكه كله..
ولا يوجد اصعب من اللذة، تخدر الإنسان بالتمام، ولو لوقت!
إنها تستولى على إداركه كله، أو تفقده إدراكه كله، فينسى كل شئ، ولا يدرى بنفسه إلا منقادا وراء هذه اللذة، التي تلفه في طياتها ولكل إنسان لذته الخاصة. أما الإنسان الروحى فلذته في الله وحده.. سليمان الحكيم عاش في ملاذ العالم زمنا، ومهما أشتهته عيناه لم يمنعه عنهما. واخيرا بعد أن أتعبته اللذة فترة طويلة، استيقظ إلى نفسه.
وكاتب سفر الجامعة وقال (الكل باطل، وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس).
والابيقوريون كانت اللذة هدفهم، فأنكروا الله والروح والقيامة.
والمشكلة فيمن تخدره اللذة، أنه لا يحب أن يستيقظ.
تريد أن توقظه منها، فيهرب منك، أو يقول لك
(اتركنى الآن. لم يحن الوقت بعد)
إنه مسرور بالغفوة التي هو فيها. يقول لك: اتركنى في نومى. فإن أحلام هذا النوم، أشهى من حرمان الواقع! إنه يريد أن يظل في هذا النوم على الرغم من ظلمته، لأنه يحب الظلمة أكثر من النور...
أمثال هؤلاء يرون أن اليقظة الروحية يقظة مريرة، تتعبهم وتحرمهم من لذاتهم. لذلك هم يهربون باستمرار من الله، ومن خدام الله، ومن كنيسته، ومن مذبحه...
ومع ذلك فلابد للنائم أن يستيقظ. فكيف ذلك؟