ما أجمل قول الرب لأبينا يعقوب "وها أنا معك. وأحفظك حيثما تذهب. وأردك إلى هذه الأرض" (تك 28: 15).. كان الرب معه يحفظه حيثما يذهب.. ولم يكن يرى الرب وهو معه. ولكن من الريح للنفس أن يشعر الإنسان بهذا، ويوقن به، فيحيا في اطمئنان دائم وفي فرح.. ولم يكن هذا الأمر ميزة لأبينا يعقوب فقط، بل أن الرب يقول "ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر "(متى 28: 20).
إن شعورنا بوجود الله معنا، يشعرنا بقوة إلهية ترافقنا وتحفظنا:
هذه القوة هي العاملة فيك ومعك منذ أن تدخل في شركة الروح القدس، فيشترك الروح القدس معك في العمل. وهكذا في الكنيسة الأولى كنا نرى أن ملكوت الله قد أتى بقوة (مر9: 1)، "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع، ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أع 4: 23). قيل عن القديس اسطفانوس أول الشمامسة إنه كان "مملوءاً إيماناً وقوة" (أع 6:
، وإنه وقف ضد عدة مجامع "ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به "(أع 6: 10). هذه هي القوة في الإيمان. أما الذي يؤمن، ولكنه يخاف من إعلان إيمانه، فهو إنسان ضعيف الإيمان، لا يؤمن بقوة الله العامل معه. المرأة نازفة الدم، كانت تشعر أنها لو لمست ولو هدب ثوب المسيح، ستخرج قوة من المسيح تشفيها. وقد كان (متى 20 : 21، لو 8: 46).
وأنت إن آمنت بقوة الرب، والتصقت به، ستنالها.
ليكن لك هذا الإيمان وهذا الشعور، في كل تفاصيل حياتك: في خدمتك وفي صلاتك، وفي عملك. كما قال القديس أنطونيوس عن أبا مقار الكبير "إن قوة عظيمة تخرج من هاتين اليدين.
حتى في حالة سقوطك: آمن أن هناك قوة ستخلصك.
إن كنت أنت أضعف من الشياطين، آمن أن الله الذي يحبك هو أقوى منهم، وهو قادر أن يخلصك من الخطية، وفي قوة إيمان تضرع إلى الله أن يمنحك القوة التي تنتصر بها في حياتك الروحية، واطلب إليه أنه هو "يقودك في موكب نصرته" (2كو 2: 14) حتى إن طالت بك المدة، آمن أن قوة الرب ستصلك ولو في الهزيع الأخير، لكي تنقذك. قوة الرب هذه غير مرئية، ولكنها موجودة، ومستعدة أن تعمل مع كل الذين يطلبونها مؤمنين. عليك أن تبصر هذه القوة تصحبك، ليس في حياة التوبة فقط، إنما في كل نواحي حياتك الروحية.. حتى إن تكلمت، يشعر الناس بقوة الكلمة ومفعولها.. إن المؤمن هو إنسان قوى، يؤمن بقوة الله العاملة فيه.
هوذا القديس بولس الرسول يقول "أتعب أيضاً مجاهداً، بحسب عمله الذي يعمل في بقوة" (كو1: 29). ويقول أيضاً عن الله "القادر أن يفعل فوق كل شئ، أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر، بحسب القوة التي تعمل فينا" (أف 3:20). وبفضل هذا الإيمان بقوة الله العاملة ، التي قد لا نراها ولكن نؤمن بها، عاش القديس بولس في ملء الثقة، وأمكنه أن يقول:
"أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" (في 4: 13 )
عبارة كلها قوة، وكلها إيمان، وكلها ثقة بعمل الله. ونحن نسآل: هل هذه العبارة هي من شأن قديس عظيم فقط مثل بولس الرسول؟ فيجيبنا الرب نفسه "كل شئ مستطاع للمؤمن"( مر9: 23).
لعل هذه القوة هي اختبار لحياتنا الروحية: هل نحن في الإيمان؟ إنها قوة نسعد بها في حياتنا، ونحيا مطمئنين. في حياتنا أيضاً داخل الكنيسة، نسعد بأمور كثيرة لا ترى