ذبيحة وقرباناً لم تُرِد ... بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرّ. ثم قلت: هأنذا أجيء .. لأفعل مشيئتك يا الله(عب 10: 5 -7)
في الأصحاحات الأولى من سفر اللاويين (لا 1: 7 ) يذكر الوحي لنا أربع ذبائح دموية كان النظام الناموسي قائم عليها. وهذه الذبائح تكلمنا عن شخص المسيح وعمله على الصليب من زوايا مختلفة:
* ذبيحة الخطية تنظر إلى الخطية باعتبارها شيئاً بغيضاً في نظر الله القدوس، بغضّ النظر عن النتائج المترتبة عليها، ولهذا فكانت تُحرق بالنار خارج المحلة (عب 13: 11 ).
* وذبيحة الإثم تُركز، لا على الخطية ذاتها فحسب، بل على نتائج الخطية أيضاً، وكيف أنها سببت الضرر والإساءة، وكانت تُطالب ليس بالتعويض فقط، بل بإضافة الخُمس أيضاً (مز 69: 4 ؛ لا6: 5).
* وذبيحة السلامة هي الذبيحة المشغولة بوضع القنطرة بين المُسيء والمُساء إليه، بين الإنسان والله، واستعادة العلاقة بينهما، وسد الثغرة، وصُنع السلام، وإيجاد الشركة (لو 15: 23 ).
* أما المحرقة فهي الذبيحة التي كانت تُصعَد بتمامها إلى الله. لا يقول الوحي عنها إنها كانت تُحرق مثل ذبيحة الخطية، بل تُوقد، كي ما تتصاعد منها رائحة سرور لله. فلم يكن مُقدم الذبيحة مضطراً أو مُجبراً على تقديم المُحرقة، بل كان يقدمها باختياره ورضاه. كما نرى فيها أيضاً رائحة السرور المتصاعدة منها لرضا الله. وهكذا المسيح في الجلجثة قدَّم نفسه بسرور لكي يفعل مشيئة الذي أرسله (يو 10: 17 )، فتنسم الله رائحة الرضا، وهو قد فعل ذلك لا عن اضطرار، بل باختيار بكل فرحٍ وغبطة.
مما سبق يمكن القول إننا في ذبيحة الخطية نرى طبيعة الله، وفي ذبيحة الإثم نرى حكومة الله، وفي ذبيحة السلامة نرى قلب الله، وفي المُحرقة نرى قصد الله.
وهناك فوارق بين ذبائح العهد القديم وذبيحة المسيح كالآتي:
1 ـ أن ذبائح العهد القديم لم تُقدِّم نفسها بإرادتها، بل لم تكن عاقلة على الإطلاق، وأما المسيح فإنه "بروح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب" (عب 9: 44 ).
2 ـ إن ذبائح العهد القديم كانت مجرد ذبائح رمزية، أما ذبيحة المسيح فهي مؤثرة وفاعلة (عب 10: 4 -10).