فى ندوة عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بعنوان 'هل أصبح التوتر الطائفي طابع حياة في مصر' ..
الدولة تستغل الورقة الدينية لفرض سيطرتها ولابد من التحرك الشعبي والالتفاف حول البرادعي
محمد نصر
06/01/2010
القاهرة ـ 'القدس العربي' عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ندوة بعنوان 'هل أصبح التوتر الطائفي طابع حياة في مصر' حضرها عدد من المختصين والمعنيين بهذا الشأن.
وقال معتز الفجيري المدير التنفيذي للمركز 'من الملاحظ في الاونة الأخيرة تزايد أحداث التوتر الطائفي في مصر، والإعلام الخاص والانترنت أبرز لنا هذه الظاهرة'.
وأشار إلى أنه ليس عيبا أن يكون لدينا مشكلة طائفية ولكن العيب في تجاهل المشكلة وتركها تتنامى وعدم معالجتها.
وانتقد 'التعريض الإعلامي الذي يؤدي إلى إشعال الفتنة الطائفية ودور بعض الإعلاميين في تأجيج هذا الصراع'.
وأكد على ضرورة أن يكون هناك اتفاقيات دولية وعربية لحماية الأديان من الازدراء وحماية الأقليات والحفاظ على حقوقهم.
واستنكر الفجيري ما تفعله الحكومات العربية من اضطهاد للأقليات أصحاب الأديان المغايرة لغالبية سكان هذه الدول.
وقال 'إن القوانين الخاصة لحماية الأديان في العالم العربي توظف لمحاربة الأديان والأقليات، والدولة تتحدث عن حماية الأديان دوليا، وتهينها داخليا بل وتضطهد بعض المذاهب من أصحاب الديانة الواحدة'.
وقال الدكتور محمد منير مجاهد منسق جمعية 'مصريون ضد التمييز الديني 'إن قضية التوتر الطائفي بالغة الأهمية لأنها تخص الأمن القومي المصري لأن المصريين سبيكة مختلطة وتفكيكها يعني تدميرها'.
واستنكر قول البعض 'بأن الحرب الطائفية وعملية التحريض ضد بعض الديانات بأنها مؤامرة صهيونية أو استعمارية'.
وأفاد بأن ذلك لا أساس له من الصحة لأنه بمراجعة الأحداث والخبرة العالمية تأكد لدينا أن الاختلاف بين أصحاب الأديان المختلفة وظهور الفتن لا يتفجر إلا بوجود أزمة حقيقية في المجتمع، والمجتمع المصري يعيش أزمة حقيقية بعد عام 1967 لأن الهزيمة كسرت المجتمع وأشعرته أنه ليس لجماعة واحدة كما كان، وصار المجتمع يعيش أزمة سياسية واقتصادية وظهرت الفوارق الطبقية الشاسعة وتفشى الفقر والفساد والبطالة خاصة بين الشباب المتعلم وأصبحنا في أزمة اقتصادية عارمة رغم التصريحات الحكومية 'بأننا نتقدم في التنمية وأن مصر لم تتأثر بالأزمة المالية' فهذا كلام فارغ ولا اساس له من الصحة'.
وأكد منير مجاهد 'أننا نحيا أزمة ثقافية ويوجد إفراط في الغيبيات وهناك اختلال شديد في نسق القيم الوطنية ولم يعد لها نفس الشكل الذي كان موجود في فترة الستينيات'.
وانتشرت الرشوة والفساد وتفشت الفردية في المجتمع، كما اننا نعيش في ظل أزمة سياسية طاحنة تتمثل في غياب الديمقراطية وغياب التعددية السياسية وعدم تداول السلطة ومصادرة الحق في تشكيل الأحزاب والجمعيات والمؤسسات وقمع المعارضين، كل ذلك أدى الى تنامي الأنشطة الدينية وأصبحت دور العبادة سواء الإسلامية أو المسيحية تمارس الأدوار السياسية.
وأكد أن الدولة تستغل الورقة الدينية لفرض سيطرتها على المجتمع وأن هناك تمييزا دينيا في القانون والإعلام والتوظيف وهناك تصاعد غير مسبوق في الخلافات الطائفية'.
وأشار الى ضرورة تحرك أصحاب المشاكل الطائفية ومن يدعمونهم من المنظمات والتيارات السياسية للمطالبة بتحقيق بعض مطالبهم وتعديل القوانين لتحقيق المساواة وحرية الاعتقاد حتى يتم القضاء على العنف الطائفي.
وأكد مجاهد على أن الدولة المصرية تنهار وهناك سيناريوهات مطروحة في حالة انهيارها وهي تولي الإخوان السلطة أو التوريث أو استيلاء الجيش على مقاليد الأمور، ولكن هناك سيناريو غاب عن تفكير الكثيرين وهو الأقوى ألا وهو التحرك الشعبي من منظمات وأحزاب وهيئات ونقابات، وهناك قبلة الحياة للتحرك الشعبي الذي كاد أن يموت وكدنا ان نفقد فيه الأمل وهو 'تصريح الدكتور محمد البرادعي بأنه مستعد للترشح للرئاسة بشروط'، فالبرادعي يمثل قيمة حقيقية لمصر وشعبها وهو شخصية معروفة وله تاريخه'.
ودعا منير مجاهد القوى السياسية والتيارات المختلفة الى الالتفاف حول البرادعي والدعاية له والتمسك به وطرحه بقوة. وقال القس رفعت فكري راعي الكنيسة الانجيلية بشبرا، اننا كمصريين أمامنا طريقان وهما اما أن نحلل المشكلة لمعرفة أسبابها وكيفية علاجها أو أن نجد تبريرا كما يحدث بإلقاء اللوم في كل مرة على أمريكا وإسرائيل ونتجاهل الأسباب الحقيقية، فإذا كان هناك تخطيط خارجي فلابد أن يجد بالداخل تربة خصبة لتنفيذ مخططه وإن كنا نقف متماسكين على أرض صلبة فستبوء محاولاتهم بالفشل.
وأكد القس رفعت انه لا توجد مؤامرات خارجية لإشعال الفتن الطائفية و أن الاحتقان الطائفي أسبابه داخلية بحتة وأن المراجع للتاريخ سيجد أنه كانت توجد مناوشات دينية بين الحين والآخر وأن التاريخ ليس كله جميل وليس كله سيئا وأن فترة محمد علي تمثل صفحات مضيئة في تاريخ مصر وتقربه من المسيحيين.
وأشاد القس رفعت فكري بفترة الاستعمال التي جعلت الشعب المصري يتكاتف بجميع طوائفه. وأشار إلى أنه بعد تلك الفترة عاد الكثيرين من الخليج ببعض الأفكار التي تطالب بأن تكون الدولة إسلامية وإنهاء الدولة المدنية وكان ذلك سبب رئيسيا للاعتداءات الدينية.
وأكد من أسباب هذه المشكلة أيضا: التعصب الديني الذي هو أخطر أنواع التعصب لأن المتعصب يظن انه يعتقد الحقيقة المطلقة وأن غيره إلى الجحيم حتى من أبناء ديانته المخالفين لأفكاره.
والسبب الآخر هو 'الخطاب الديني' لأنه من أقوى الخطابات المؤثرة في الذهنية العربية، والخطاب الديني في مصر خلال السنوات الماضية لا يدعو إلى التسامح ولكن يكفر الآخر ويهاجمه.
وأضاف أن 'الإعلام الرسمي' يؤجج التمييز ضد الآخر الديني وكذلك بعض الجرائد الرسمية وكذلك عدم وجود قانون موحد لبناء دور العبادة وغياب الموضوعية في التعامل مع الأحداث، فماذا يعني أن شابا مسيحيا مستهترا يسير مع فتاة مسلمة مستهترة، فالمفسدون موجودون في كل الطوائف والأديان والإسلام والمسيحية يوجد بهما الأخيار والأشرار فلماذا لا نتعامل مع الأحداث بموضوعية فنحاسب الفرد المخطىء ونتجنب العقاب الجماعي وأن نتعامل مع الأحداث الفردية بحجمها الطبيعي'.
وقال الدكتور جمال عبد الجواد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ'الأهرام'، إنه على مر التاريخ المصري لم نستطع نفي الدين وإخراجه من السياسة ولكن مصر أفضل من دول عربية أخرى مثل لبنان الذي استمرت فيه الحرب الأهلية الطائفية ما يقرب من 15 عاما والعراق بعد صدام حسين، وأكد أن هناك نذرة خبيثة في مصر تحاول تنمية الطائفية وتعمل على التحريض الديني وهناك موجة عربية بمزج الدين بالسياسة.
وانتقد من يطالبون بإلغاء مادة الدين في التعليم وقال ان هذا أمر خطير لأن عدم تدريس الدين في المدارس برؤية عصرية مستنيرة سيؤدي الى انصراف الطلبة الى المساجد وبعض المتدينين بمن فيهم المتطرفون الذين سيدرسون لهم الدين بطرق غير سليمة لعدم وجود رقابة على هؤلاء ولكن يجب أن يدرس الدين بالمدارس والجامعات مع تعليم التلاميذ التسامح وقبول الآخر وذلك يقع على عاتق الدولة والمجتمع والإعلام.
تاريخ نشر الخبر : 06/01/2010
الجمعة يناير 08, 2010 3:37 am